باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الحادي عشر مـن
فبراير سنة 2023م، الموافق العشرين من رجب سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمـد غنيم والدكتور عبد العزيز
محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة
المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 21 قضائية "دستورية"
المقامة من
..........
ضد
1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزيـر الماليـة، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من فبراير سنة 1999، أودع المدعي
صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً: بعدم
دستورية الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على
المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وسقوط الفقرة الخامسة من تلك المادة،
وقرارات رئيس الجمهورية أرقام 180 و206 لسنة 1991، و77 لسنة 1992، و295 و304 لسنة
1993، و39 لسنة 1994، و65 لسنة 1995، و305 لسنة 1996، وكذا القرارات والتعليمات
الصادرة نفاذًا لها. ثانيًا: بعدم دستورية القانون رقم 2 لسنة 1997، فيما تضمنه من
سريان أحكامه بأثر رجعي اعتبارًا من 5/3/1992.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً:
بعدم قبول الدعوى بشأن الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة
العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمادة الخامسة منه،
وقرارات رئيس الجمهورية والتعليمات والقرارات الصادرة تنفيذًا لها. ثانيًا: برفض
الدعوى فيما جاوز ذلك من طلبات.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها
قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى
وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام أمام محكمة المنيا الابتدائية الدعوى
رقم 546 لسنة 1995 ضرائب كلي، مختصمًا فيها المدعى عليه الثالث، وآخر، طالبًا
الحكم بعدم أحقية مصلحة الضرائب على المبيعات، في مطالبته بضريبة المبيعات عن
نشاطه في أعمال المقاولات. وذلك على سند من أن ذلك النشاط غير خاضع لتلك الضريبة.
أجابته المحكمة لطلباته، وتأيد هذا الحكم من محكمة استئناف بني سويف "مأمورية
المنيا"، بحكمها الصادر في الاستئناف رقم 95 لسنة 32 قضائية. طعن وزير
المالية على ذلك الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 562 لسنة 67 قضائية. قضت المحكمة
بنقض الحكم، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية
المنيا". وبجلسة 23/1/1999، دفع المدعي بعدم دستورية الفقرتين الثانية
والثالثة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم
11 لسنة 1991، وما تضمنه القانون المعدل له رقم 2 لسنة 1997، من سريان أحكامه بأثر
رجعي. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية،
فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن نطاق الدعوى
الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها بموجب نص البند (ب) من المادة (29) من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية
المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها جديته، وتصرح بإقامة الدعوى
الدستورية بشأنه، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة بصحيفة الدعوى الدستورية
أو يتعدى نطاقها. متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي دفع أمام محكمة
الموضوع بعدم دستورية نصّ الفقرتين الثانية والثالثة من المادة (3) من قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وما تضمنه القانون
المعدل له رقم 2 لسنة 1997 من سريان أحكامه بأثر رجعي، وقد قدرت تلك المحكمة جدية
هذا الدفع، في ذلك النطاق وحده، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه. وإذ
لم يضمّن المدعي طلباته الختامية في صحيفة الدعوى الدستورية المعروضة، طعنًا على
دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات
المشار إليه، ومن ثم فإن الفصل في دستورية تلك الفقرة لا يُعد مطروحًا على هذه
المحكمة. ومن جانب آخر، فإن ما ورد في الطلبات الختامية من طعن على دستورية نص
الفقرة الرابعة من المادة ذاتها، يكون قد تم دون دفع مسبق أمام محكمة الموضوع، وعلى
ذلك ينحل الطعن عليها إلى دعوى دستورية مباشرة لم تتصل بهذه المحكمة اتصالاً
مطابقًا للأوضاع التي رسمها قانونها، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا
الشق منها.
وحيث إن المادة (3) من قانون الضريبة العامة على
المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 - قبل تعديلها بالقانون رقم 2 لسنة
1997- قد جرى نصها على أنه: "يكون سعر الضريبة على السلع 10%، وذلك عدا السلع
المبينة في الجدول رقم (1) المرافق فيكون سعر الضريبة على النحو المحدد قرين كل
منها.
ويحدد الجدول رقم (2) المرافق سعر الضريبة على الخدمات.
ويجـوز بقـرار مـن رئيـس الجمهوريـة إعفـاء بعـض السلـع مـن الضريبة وتعديل سعر الضريبة على بعض السلع.
كما يجوز لرئيس الجمهورية تعديل الجدولين رقمي (1)، (2)
المرافقين.
وفي جميع الأحوال يعرض قرار رئيس الجمهورية على مجلس
الشعب خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره إذا كان المجلس قائمًا وإلا ففي أول
دورة لانعقاده، فإذا لم يقره المجلس زال ما كان له من أثر وبقى نافذًا بالنسبة إلى
المدة الماضية".
وحيث إن القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، نص في المـادة
(11) منه، علـى أن "تلغى قـرارات رئيس الجمهوريـة أرقـام 180 لسنة 1991 و206
لسنة 1991 و77 لسنة 1992 و295 لسنة 1993 و304 لسنة 1993 و39 لسنة 1994 و65 لسنة
1995 و305 لسنة 1996، وذلك اعتبارًا من تاريخ العمل بكل منها".
ونصت المادة (12) من ذلك القانون على أن "تلغى الفقرتان
الثالثة والرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة
الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية يتغيَّا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا
في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد
تدخلها في هذه الخصومـة، فلا تفصـل في غيـر المسائـل الدستوريـة التي يؤثر الحكم
فيها على النزاع الموضوعي. ومن ثم يتحدد مفهوم شـرط هذه المصلحة باجتماع عنصرين،
أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره
- قد لحق به، سواء أكان مهددًا بهذا الضرر، أم كان قد وقع فعلاً. ويتعين دومًا
أن يكون الضرر المدعى به مباشرًا، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه
للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تصوره، ومواجهته بالترضية
القضائية تسوية لآثاره. ثانيهما : أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه،
وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على
من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق
التي يدعيها لا يعود إليه، أو كان النص المذكور قد أُلغي بأثر رجعي وبالتالي زال
كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره؛ دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية
المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية
فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما
كان عليه قبلها.
وحيث كان ما تقدم، وكانت طلبات المدعي في الدعوى
الدستورية المعروضة - وفى حدود التصريح الصادر عن محكمة الموضوع - إنما تتصل في شق
منها بنص الفقرة الثالثة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات
الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991؛ وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 77 لسنة 1992،
الذي أضاف خدمات التشغيل للغير إلى الأنشطة الخاضعة لتلك الضريبة، وخضع بمقتضاه
نشاط المدعي في مجال المقاولات للضريبة العامة على المبيعات، قد صدر- في هذا
النطاق - استنادًا إلى الفقرة الرابعة من المادة (3) من قانون الضريبة العامة على
المبيعات المار ذكره، وليس استنادًا إلى الفقرة الثالثة من تلك المادة، لتغدو
مصلحة المدعي في الطعن عليها منتفية، مما لازمه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا
الشق منها.
وحيث إن النزاع المردد أمام محكمة الموضوع - عند رفع
الدعوى ابتداءً في عام 1995 - تدور رحاه حول مدى خضوع أعمال المدعي في مجال
المقاولات للضريبة العامة على المبيعات، باعتبارها من خدمات التشغيل للغير، وإذ
صدر القانون رقم 2 لسنة 1997، متضمنًا في عجز البند (ثانيًا) من المادة (3) منه،
إضافة عبارة "خدمات التشغيل للغير" إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون
رقم 11 لسنة 1991، قرين المسلسل رقم (11)، وتحديد وعاء الضريبة وسعرها بفئة
مقدارها (10%) من قيمة الفاتورة، وأرجع صدر تلك المادة العمل بأحكامها اعتبارًا من
5/3/1992. ومن ثم تتحقق مصلحة المدعي في الطعن على دستورية ذلك النص. وإذ قضت
المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية
"دستورية"، "أولاً: بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل
للغير" الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون
رقم 2 لسنة 1997. ثانيًا: بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة
2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11
لسنة 1991 الذي ينص على أنه "مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون. ثالثًا
......". وقد نُشر هذا الحكم بالعدد رقم 16 (تابع) من الجريدة الرسمية بتاريخ
19/4/2007. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونص المادتين (48 و49) من
قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون للأحكام
والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى
الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من
أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها، أو إعادة طرحها من جديد على
هذه المحكمة لمراجعتها. ومن ثم، تغدو الخصومة منتهية في هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه عن طلب المدعي الحكم بسقوط الفقرة الخامسة من
المادة (3) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة
1991، وقرارات رئيس الجمهورية المشار إليها بصحيفة الدعوى، فإن من المقرر في قضاء
هذه المحكمة أن طلب السقوط لا يُعد طلبًا مستقلاً بعدم الدستورية، إنما هو من قبيل
التقريرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا بمناسبة قضائها في
الطلبات الأصلية المطروحة عليها، وتتصل بالنصوص القانونية التي ترتبط بها ارتباطًا
لا يقبل الفصل أو التجزئة. إذ كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى القضاء في
الدعوى المعروضة على النحو المتقدم بيانه، فإن هذا الطلب يكون فاقدًا لسنده،
متعينًا الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول
الدعوى في شأن الطعن علي دستورية نصي الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة (3) من
قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، واعتبار
الخصومة منتهية فيما جاوز ذلك من طلبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق