الاثنين، 15 يناير 2024

القضية رقم 7 لسنة 1 قضائية "دستورية" - جلسة 7 فبراير سنة 1981 - س 1 - ق 3 - ص 160

 

صـ 160

جلسة 7 فبراير سنة 1981

برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب وممدوح مصطفى حسن - أعضاء، والسيد/ المستشار د. محمد أبو العينين - المفوض، والسيد/ سيد عبد البارى إبراهيم - أمين السر. 

1.            1-     قانون - شكله الدستورى - النص فى ديباجته على صدوره بعد موافقة مجلس الرياسة وتوقيعه من رئيس الدولة ثم نشره بالجريدة الرسمية - استيفاؤه بذلك الشكل الدستورى.

2.              2-   قانون - أثر رجعى - الأثر الرجعى للقوانين فى غير المواد الجنائية - جوازه تحقيقا للصالح العام - مثال ذلك.

3.            3-     مصادرة - انتفاؤها بالنص على أداء مقابل للأطيان الزراعية التى كانت مملوكة للأجانب وآلت ملكيتها إلى الدولة.

4.              4-   اللجان القضائية للإصلاح الزراعى - طبيعتها - ما تصدره من قرارات تعتبر أحكاماً قضائية - أساس ذلك.

5.              5-   حق التقاضى - قصره على درجة واحدة مما يستقل المشرع بتقديره.

6.               6-  مبدأ المساواة - للمشرع وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الافراد أمام القانون.

1.              1-   ينص الإعلان الدستورى الصادر فى 27/ 9/ 1962 بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا فى مادته الثالثة على أن يتولى رئيس الجمهورية إصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التى يوافق عليها مجلس الرياسة. ولما كان الثابت فى ديباجة القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها أنه صدر بعد موافقة مجلس الرياسة وقد وقعه رئيس الدولة ونشر فى الجريدة الرسمية، فإنه يكون بذلك قد استوفى الشكل الدستورى للقوانين بحيث لا ينال من سلامته ما ينسبه المدعيان إلى بعض أعضاء مجلس الرياسة من أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل.

2.              2-   المبدأ الدستورى الذى يقضى بعدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يرتب عليها أثر فيما وقع قبله، وإن كان يستهدف أساساً احترام الحقوق المكتسبة ومراعاة الاستقرار الواجب للمعاملات، إلا أن الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى الدستور الحالى إذ أجازت للمشرع استثناء من هذا المبدأ أن يقرر الأثر الرجعى للقانون - فى غير المواد الجنائية - وذلك بشروط محددة، تكون قد افترضت بداهة احتمال أن يؤدى هذا الاستثناء إلى المساس بالحقوق المكتسبة وآثرت عليها ما يحقق الصالح العام للمجتمع. ولما كان القانون رقم 15 لسنة 1963 قد صدر من رئيس الجمهورية بناء على دستور سنة 1958 المؤقت والإعلان الدستورى بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا الصادر فى 27/ 9/ 1962 الذى عهد بسلطة التشريع مؤقتاً إلى مجلس الرياسة بغير أية قيود، وخول رئيس الجمهورية سلطة إصدار القوانين التى يوافق عليها ذلك المجلس، وكانت ولاية التشريع بذلك قد انتقلت كاملة إلى مجلس الرياسة أثناء فترة الانتقال بحيث يتولاها كما تتولاها السلطة التشريعية بكافة حقوقها فى مجال التشريع ومنها رخصة إصدار القوانين بأثر رجعى - طبقاً للمادة 66 من دستور سنة 1958 المؤقت - متى اقتضى ذلك الصالح العام، فإن القانون رقم 15 لسنة 1963 إذ نص فى مادته الثانية على عدم الاعتداد بالتصرفات التى صدرت من الملاك الأجانب ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 مستهدفاً بذلك الصالح العام - على ما جاء بمذكرته الإيضاحية - رغبة فى استقرار المعاملات بالنسبة للعقود التى أبرمت قبل هذا التاريخ، وهو تاريخ الإعلان عن الأحكام التى تضمنها هذا القانون، لا يكون قد خالف المبدأ الدستورى المستقر الذى يجيز على سبيل الاستثناء تقرير الأثر الرجعى لبعض القوانين.

3.            3-     أوضحت المادتان الرابعة والخامسة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المقابل الذى تدفعه الدولة إلى الملاك الأجانب الخاضعين لاحكامه، كما أن حقوق من تعاملوا معهم ولم يعتد بتصرفات هؤلاء الملاك إليهم تحكمها القواعد العامة للعقود بما فى ذلك حقهم فى الرجوع عليهم بما سددوه من ثمن، وبالتالى فإن تقرير الأثر الرجعى لهذا القانون لا يكون قد تضمن أية مصادر للملكية الخاصة.

4.             4-    مؤدى ما نصت عليه المواد 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والمادة 27 من لائحته التنفيذية وما جاء بالمذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 وللقانون رقم 11 لسنة 1972 أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى هى جهة قضائية مستقلة عن جهتى القضاء العادى الادارى أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها فى المنازعات المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعى ثم عهد إليها بعد ذلك بالفصل فيما ينشأ من منازعات عن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها، وذلك بإتباع إجراءات قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضى وضماناته وتؤدى إلى سرعة البت فى هذه المنازعات حتى يحسم أمرها ويتحقق بذلك ما تعياه المشرع من إصدار هذه التشريعات، وبالتالى فإن القرارات التى تصدرها هذه اللجنة تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية.

5.             5-    قصر التقاضى على درجة واحدة مما يستقل المشرع بتقديره وفقاً لظروف بعض المنازعات وما يقتضيه الصالح العام من سرعة حسمها.

6.              6-   مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، إذ يملك المشرع لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث يكون لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها لهم المشرع، وينفى مناط المساواة بينهم وبين من تخلفت بالنسبة إليهم هذه الشروط.

الإجراءات

بتاريخ 21/ 3/ 1977 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها وكل من المادتين 2 و 9 من هذا القانون، والمادة 6 من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض احكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والقانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه.

وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى، وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.

حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما الاعتراض رقم 1001 سنة 1970 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى طالبين الاعتداد بعقد البيع العرفى الصادر إليهما من أحد الأجانب بتاريخ 2/ 1/ 1961 عن أطيان زراعية مساحتها 8، 5، 1 ف، وبجلسة 5/ 11/ 1970 قررت اللجنة رفض الاعتراض، طعن المدعيان فى هذا القرار أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 742 سنة 18 ق، ودفعا أثناء نظره بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها لعدم عرضه على مجلس الرياسة وبعدم دستورية كل من المادة الثانية والفقرة الثانية من المادة التاسعة من هذا القانون، والمادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والقانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه. وبجلسة 21/ 12/ 1976 قررت المحكمة وقف الفصل فى الدعوى وأمهلت المدعيين ثلاثة أشهر لرفع دعواهما الدستورية، فأقاما الدعوى الماثلة.

وحيث إن المدعيين يطلبان الحكم بعدم دستورية القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للاراضى الزراعية وما فى حكمها لما شابه من عيب شكلى بعدم عرضه على مجلس الرياسة عملاً بأحكام الإعلان الدستورى الصادر سنة 1962 استناداً إلى أن بعض أعضاء المجلس قرروا أن القوانين التى صدرت فى وقت معاصر لصدور القانون رقم 15 لسنة 1963 كانت تصدر من رئيس المجلس دون عرضها على الأعضاء.

وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن هذا القانون صدر فى ظل العمل بالإعلان الدستورى الصادر فى 27/ 9/ 1962 بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا والذى نص فى مادته الثالثة على أن يتولى رئيس الجمهورية إصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التى يوافق عليها مجلس الرياسة. ولما كان الثابت فى ديباجة القانون أنه صدر بعد موافقة مجلس الرياسة وقد وقعه رئيس الدولة ونشر فى الجريدة الرسمية، فإنه يكون بذلك قد استوفى الشكل الدستورى للقوانين بحيث لا ينال من سلامته ما ينسبه المدعيان إلى بعض أعضاء مجلس الرياسة من أقوال مرسلة لم يقم عليها دليل، الأمر الذى يتعين معه اطراح هذا النعى.

وحيث أن مبنى النعى على المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 أنها إذ نصت على أن "تؤول إلى الدولة ملكية الأراضى الزراعية وما فى حكمها من الأراضى القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون... ولا يعتد فى تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 من ديسمبر سنة 1961"، تكون قد جعلت للحكم الوارد فيها أثراً رجعياً إلى أكثر من عام سابق على صدور القانون مما يترتب عليه إخلال خطير بالحقوق المكتسبة يتمثل فى نزع ملكية ما اشتراه مصريون من أجانب بعقود صحيحة صدرت من مالكيها وثبت تاريخها بعد 23 ديسمبر سنة 1961 وقبل 19 يناير سنة 1963 تاريخ العمل بهذا القانون، رغم أنه من المقرر أن المشرع لا يجب أن يلجأ إلى الأثر الرجعى إلا لمصلحة عليا خطيرة أو لرفع غبن الأمر الذى لا يتوافر بالنسبة للنص المطعون بعدم دستوريته، وذلك بالإضافة إلى أن هذا الأثر الرجعى أدى إلى مصادرة للملكية الخاصة بغير تعويض لأن الدولة فى واقع الأمر تستولى من صغار الفلاحين على الأراضى التى اشتروها من أجانب وسددوا لهم ثمنها كاملاً.

وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المبدأ الدستورى الذى يقضى بعدم سريان أحكام القانون إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يرتب عليها أثراً فيما وقع قبلها، وأن كان يستهدف أساساً احترام الحقوق المكتسبة ومراعاة الاستقرار الواجب للمعاملات، إلا أن الدساتير المصرية المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى الدستور الحالى إذ أجازت للمشرع استثناء من هذا المبدأ أن يقرر الأثر الرجعى للقوانين - فى غير المواد الجنائية - وذلك بشروط محددة، تكون قد افترضت بداهة احتمال أن يؤدى هذا الاستثناء إلى المساس بالحقوق المكتسبة وآثرت عليها ما يحقق الصالح العام للمجتمع. ولما كان القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه قد صدر من رئيس الجمهورية بناء على دستور سنة 1958 المؤقت والإعلان الدستورى بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا الصادر فى 27/ 9/ 1962 الذى عهد بسلطة التشريع مؤقتاً إلى مجلس الرياسة بغير أية قيود، وخول رئيس الجمهورية سلطة إصدار القوانين التى يوافق عليها ذلك المجلس، وكانت ولاية التشريع بذلك قد انتقلت كاملة إلى مجلس الرياسة أثناء فترة الانتقال بحيث يتولاها كما تتولاها السلطه التشريعية بكافة حقوقها فى مجال التشريع ومنها رخصة إصدار القوانين بأثر رجعى - طبقاً للمادة 66 من دستور سنة 1958 المؤقت - متى اقتضى ذلك الصالح العام، فإن القانون رقم 15 لسنة 1963 إذ نص فى مادته الثانية على عدم الاعتداد بالتصرفات التى صدرت من الملاك الأجانب ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل 23 ديسمبر سنة 1961 مستهدفاً بذلك الصالح العام - على ما جاء بمذكرته الإيضاحية - رغبة فى استقرار المعاملات بالنسبة للعقود التى أبرمت قبل هذا التاريخ، وهو تاريخ الإعلان عن الأحكام التى تضمنها هذا القانون، لا يكون قد خالف المبدأ الدستورى المستقر الذى يجيز على سبيل الاستثناء تقرير الأثر الرجعى لبعض القوانين.

لما كان ذلك وكان ما ذهب إليه المدعيان من أن تقرير هذا الأثر الرجعى قد أدى إلى مصادرة للملكية الخاصة غير صحيح، ذلك أن المادتين الرابعة والخامسة من القانون رقم 15 لسنة 1963 أوضحتا المقابل الذى تدفعه الدولة إلى الملاك الأجانب الخاضعين لأحكامه، أما حقوق من تعاملوا معهم ولم يعتد بتصرفات هؤلاء الملاك إليهم فإن القواعد العامة للعقود هى التى تحكم العلاقة بينهم بما فى ذلك حقهم فى الرجوع عليهم بما سددوه من ثمن، وبالتالى لا يكون تقرير الأثر الرجعى قد تضمن أية مصادر للملكية الخاصة، ويكون ما يثيره المدعيان بشأن عدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه على غير أساس.

وحيث إن المدعيين ينعيان على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليه - قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 - أنها بما نصت عليه من عدم جواز الطعن بالإلغاء أو وقف التنفيذ فى قرارات اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى التى تختص بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963، تكون قد خالفت المادة 68 من الدستور لمصادرة حق الطعن فيها فى حين أنها قرارات إدارية لا يجوز تحصينها من رقابة القضاء.

وحيث إن الفقرة الأولى من المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 تنص على أنه "تختص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى المنصوص عليها فى المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه بالفصل فى المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون".

وحيث إن المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى المعدلة بالقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 - وقبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 - كانت تنص فى فقرتها الثانية على أن "... تشكل لجنة قضائية أو أكثر من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرياسة ومن عضو بمجلس الدولة ومندوب اللجنة العليا للإصلاح الزراعى ومندوب عن الشهر العقارى وآخر عن مصلحة المساحة وتكون مهمتها فى حالة المنازعة تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضى المستولى عليها، وذلك لتعيين ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون. كما تختص هذه اللجنة بالفصل فى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها"، كما نصت الفقرة الرابعة منها على أن ".. تعين اللائحة التنفيذية الإجراءات التى تتبع فى رفع المنازعات أمام اللجنة القضائية وكيفية الفصل فيها". ونصت المادة 27 من هذه اللائحة التنفيذية - بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية الصادر فى 31 يناير سنة 1957 - على أن "تقوم اللجنة القضائية - فى حالة المنازعة - بتحقيق الإقرارات وفحص الملكية والحقوق العينية وإجراءات التوزيع ولها فى سبيل ذلك تطبيق المستندات وسماع أقوال من ترى لزوماً لسماع أقوالهم وتكليف المستولى لديهم أو من وزعت الأرض عليهم وغيرهم من ذوى الشأن الحضور أمامها لإبداء ملاحظاتهم وتقديم ما تطلبه منهم من بيانات أو مستندات ويكون التكليف بكتاب موصى عليه بعلم الوصول قبل الجلسة بأسبوع على الأقل. ولذوى الشأن أن يحضروا أمام اللجنة بأنفسهم أو ينيبوا عنهم محامياً فى الحضور وللجنة الاستعانة بمن ترى الاستعانة بهم من الموظفين الفنيين أو الإداريين أو غيرهم من ذوى الخبرة ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة وتكون مسببة".

وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه - فى شأن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى - أنه "ونظراً لأهميتها خلع عليها صفة قضائية وحددت طريقة تشكيلها ليكفل لذوى الشأن من الضمانات ما يكفله لهم القضاء العادى فى هذا النوع من مسائل فيتم بذلك التوفيق بين مصالح الأفراد من جهة ومصلحة الدولة فى سرعة البت فى مسائل ملكية الأراضى المستولى عليها". وهو ما أشارت إليه أيضاً المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل المادة 13 مكررا سالفة الذكر فيما أوردته من أنه "ولذلك أنشئت لجنة قضائية روعى فى تشكيلها أن تكفل لذوى الشأن من الضمانات ما تكفله لهم جهات القضاء.." كما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 11 لسنة 1972 بإلغاء موانع التقاضى فى بعض القوانين، أنه بما تضمنه هذا القانون من إلغاء للنصوص الواردة فى قوانين الإصلاح الزراعى التى كانت تحصن الاعمال والقرارات الإدارية من رقابة القضاء "... لم يعد هناك أى مانع من موانع التقاضى فى هذه الحالات، فضلاً عما كان قد استقر عليه قضاء محكمة النقض من اعتبار اللجنة القضائية المشكلة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعى جهة قضائية مستقلة بالنسبة لما خصها المشرع بنظره من تلك المنازعات (نقض مدنى جلسة 23 ديسمبر سنة 1965، الطعن رقم 260 لسنة 31 القضائية)".

وحيث إن مؤدى ما تقدم أن اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى هى جهة قضائية مستقلة عن جهتى القضاء العادى الإدارى أنشأها المشرع وخصها بالفصل دون سواها فى المنازعات المتعلقة بقانون الإصلاح الزراعى ثم عهد إليها بعد ذلك بالفصل فيما ينشأ من منازعات عن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها، وذلك بإتباع إجراءات قضائية لها كافة سمات إجراءات التقاضى وضماناته وتؤدى إلى سرعة البت فى هذه المنازعات حتى يحسم أمرها ويتحقق بذلك ما تغياه المشرع من إصدار هذه التشريعات. وقد أفصح المشرع عن الصفة القضائية للجنة الإصلاح الزراعى فى المذكرات الإيضاحية للقانون رقم 131 لسنة 1953 والقانون رقم 381 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى والقانون رقم 11 لسنة 1972 بشأن إلغاء موانع التقاضى على ما سلف بيانه، وبالتالى فإن القرارات التى تصدرها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى تعتبر بحسب طبيعتها أحكاماً قضائية وليست قرارات إدارية. لما كان ذلك، وكان قصر التقاضى على درجة واحدة مما يستقل المشرع بتقديره وفقاً لظروف بعض المنازعات وما يقتضيه الصالح العام من سرعة حسمها، فإن ما ينعاه المدعيان على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار إليها من أنها تتضمن مصادرة لحق الطعن فى القرارات الإدارية وتحصنها من رقابة القضاء بالمخالفة لما تقضى به المادة 68 من الدستور، يكون غير سديد.

وحيث إن مبنى النعى على المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 أنها إذ لم تجز الطعن فى القرارات الصادر قبل العمل بأحكام هذا القانون من اللجان القضائية للإصلاح الزراعى فى المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية وما فى حكمها، بينما أجازت الطعن فيما أصدرته تلك اللجان من قرارات فى شأن المنازعات المتعلقة بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961 بالإصلاح الزراعى، تكون قد أهدرت مبدأ المساواة بين المواطنين الذى نص عليه الدستور فى المادة 40 منه، بأن أجازت لبعض الأفراد الطعن فى قرارات تلك اللجان وحظرته على آخرين.

وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق لا يعنى المساواة بين جميع الأفراد رغم اختلاف ظروفهم ومراكزهم القانونية، إذ يملك المشرع لمقتضيات الصالح العام وضع شروط عامة مجردة تحدد المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون، بحيث يكون لمن توافرت فيهم هذه الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها لهم المشرع، وينتفى مناط المساواة بينهم وبين من تخلفت بالنسبة إليهم هذه الشروط. لما كان ذلك وكانت المادة السادسة من القرار بقانون رقم 69 لسنة 1971 قد أجازت لأطراف النزاع الطعن فى قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعى الصادر قبل العمل بأحكام هذا القانون إذا توافرت شروط معينة، أولها - وهو الشرط المطعون بعدم دستوريته - أن يكون القرار قد صدر فى إحدى المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى أو القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكامه، وكان هذا النص موجهاً إلى كافة من تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية من أطراف المنازعات الناشئة عن قوانين الإصلاح الزراعى وتوافر له بذلك شرطاً العموم والتجريد، وكان تنظيم طرق الطعن المختلفة بقصرها على منازعات معينة وعدم إجازة الطعن فى غيرها مراعاة لاختلاف ظروف كل منهما وتحقيقاً للصالح العام، مما يستقل المشرع بتقديره، فإن النعى على المادة السادسة المشار إليها بالإخلال بمبدأ المساواة يكون على غير أساس.

وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الدعوى.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.



[1] أصدرت المحكمة فى جلسة 7 فبراير سنة 1981 حكما فى القضية رقم 8 لسنة 1 ق تضمن ذات المبادئ كما أصدرت حكما فى القضية رقم 12 لسنة 1 ق تضمن المبادئ أرقام 2، 3، 4، 5.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق