باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين (أ)
المؤلفة
برئاسة القاضي/ مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية القضاة/ يوسف قايد، إبراهيم
فؤاد، ومحمد الشفيع نواب رئيس المحكمة وهيثم مصطفى. وحضور رئيس النيابة العامة لدى
محكمة النقض/ كيلاني محمود. وأمين السر/ هشام موسى.
في
الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة. في يوم
الاثنين 19 من جمادى الآخرة سنة 1445 هـ الموافق الأول من يناير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم
159 لسنة 93 القضائية.
المرفوع من
ضد
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 11019 لسنة 2022 قسم محرم بك والمقيدة
برقم 907 لسنة 2022 كلي شرق الإسكندرية.
بوصف
أنه في يوم 21 من يونيه سنة 2022 بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية.
- أحرز
بقصد الإتجار جوهراً مخدراً الهيروين في غير الأحوال المرخص بها قانوناً.
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً بجلسة 9 من اكتوبر سنة ۲۰۲۲ عملاً بالمواد ۱، ۲، ٣٦، ٣٨، 42/1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنه ۱۹۸۹ والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول المستبدل، مع
إعمال نص المادة ١٧ من قانون العقوبات، بمعاقبة/ .... بالسجن المشدد لمده ست سنوات
وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادره المخدر المضبوط وألزمته بالمصاريف
الجنائية، باعتبار إن إحراز المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون.
فطعن
المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2022.
وأودعت
مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2022 موقع عليها من .....
وبجلسة
اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة
والمداولة قانوناً.
حيث
إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين
المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في
التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه حرر في صورة مبهمة
ومجملة لم يبين فيها واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت
منها المحكمة الإدانة وخلت أسبابه من بيان النيابة التي أصدرت الإذن وتاريخ الضبط
وزمانه، كما خلت من بيان نوع المخدر المضبوط، ولم يحدد القصد من إحراز المخدر،
وعول على أقوال ضابطي الواقعة رغم تناقضها بشأن تاريخ صدور الإذن ملتفتاً عن دفاعه
في هذا الخصوص، وعن ما جاء بالتحقيقات من أنها فتحت بتاريخ 19/6/2022 قبل صدور إذن
النيابة العامة، وردَّ بما لا يسوغ على الدفع ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش
لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عدَّدها، واتخذ من عناصر لاحقة سنداً لتسويغ
التحريات السابقة على صدور الإذن، كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل
صدور الإذن بهما إلا أن المحكمة اطرحت هذا الدفع بما لا يسوغ ولم تعن بتحقيقه رغم
الاستدلال عليه بما قدمه من مستندات حوت برقيات تلغرافية مرسلة من ذويه، كما ردَّ
الحكم على ما أثاره الطاعن من أن التأخر في إرسال الحرز إلى المعامل الكيماوية
يُضفي كثيراً من الشك في نسبة المخدر إلى الطاعن بما لا يدفعه، وأخيراً لم يُقسط
دفاعه بعدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال حقه في الرد، ذلك مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
حيث
إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها
محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها
من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم
شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت
فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها
حسبما استخلصتها المحكمة كما هو الحال في الدعوى الراهنة كان ذلك محققاً لحكم
القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الإجمال والإبهام وعدم
الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها وأغفل بعض الوقائع التفصيلية التي أشار إليها في
أسباب طعنه وهي تعد وقائع ثانوية لا تتعلق بجوهر الواقعة يكون ولا محل له. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بيّن ماهية المخدر المضبوط ووصفه خلافاً لما يزعمه
الطاعن بأسباب الطعن، فإن ما يثيره في هذا الصدد يضحى لا محل له. لما كان ذلك،
وكان من المقرر في قضاء النقض أن توافر قصد الاتجار المنصوص عليه في المادة ٣٤
من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها هو من
الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب ما دام تقديرها
سائغاً،
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط
بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه ودانه بموجب المادة ٣٨
من القانون السالف الذكر التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز، بل تتوافر
أركانها بتحقيق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر
المخدر علماً مجرداً عن أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون،
فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن
أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مرجعه
إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير
معقب عليها، وكان التناقض في أقوال الشهود على فرض وجوده لا يعيب الحكم ما دام
أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وكان الحكم المطعون
فيه قد حصَّل أقوال شاهدي الإثبات بما لا تناقض فيه مُفصحاً عن اطمئنانه إليها فلا
عليه إن التفت عن دفاعه بتناقض أقوال شاهدي الإثبات، لما هو مقرر من أن المحكمة
لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على
استقلال إذ الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان
يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر عن النيابة العامة قرر أن هناك خطأ مادي وقع
في تاريخ التحقيقات إذ أثبت فتح المحضر يوم 19/6/2022 في حين أن صحة التاريخ هو 22/6/2022،
فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، التي
متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره
فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت
الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة
منتجة لها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان
يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتخذ من عناصر لاحقة سنداً لتسويغ التحريات
السابقة على صدور الإذن خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه، فإن منعاه في هذا
الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد
الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع
الضبط والتفتيش بناءً على الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها،
وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد واطرحته برد كاف وسائغ، ولا
ينال من سلامة الحكم التفاته عن البرقية التلغرافية التي تساند إليها الطاعن
للتدليل على أن القبض عليه تم قبل صدور الإذن، لما هو مقرر من أن الأدلة في
المواد الجنائية إقناعية، ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق
رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت
إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى كالحال في الدعوى المطروحة، ولما كان
البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة
تحقيقاً معيناً بصدد هذا الدفع، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلبه منها، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون لا محل له.
لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن التأخر في إرسال حرز المخدر إلى المعامل
الكيماوية يُشكك في نسبته للطاعن، مردوداً بما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن
بقوله حيث إنه عما أثاره الدفاع من عدم إرسال حرز المخدر إلى المعمل الكيماوي حتى
تاريخ 26/6/2022 بالرغم من صدور قرار النيابة بإرساله بتاريخ 22/6/2022 حسبما هو
ثابت بالتحقيقات فهو في غير محله، إذ أن الثابت أن الحرز المضبوط رقم 599/1 م. ج
حين أعيد عرضه على النيابة بتاريخ 26/6/2022 لإعادة تحريزه لسقوط سائل عليه
واتساخه من الخارج فقد قامت النيابة بفضه بعد أن تأكدت من سلامته وصحة أختامه
وتبيّن لها مطابقته لذات بيانات الحرز السابق تحريزه من جانبها من حيث الوصف
والعدد والكمية ثم أعادت تحريز المضبوطات وإرسالها إلى المعمل الكيماوي بإجراءات
قانونية سليمة، فإن المحكمة لا ترى ثمة مخالفة في هذه الإجراءات ومن ثم فلا تُقيم
لدفاع المتهم في هذا الشأن وزناً سيما لم يبيّن وجه العبث الذي طال الحرز ولا
يجديه بعد ذلك قوله بأن الحرز ظل بيد رجال الشرطة لمدة أربعة أيام ويكون معه منعى
الدفاع في هذا الصدد غير سديد متعيناً رفضه الأمر الذي يكون معه هذا الدفاع بعيداً
عن محجة الصواب. ذلك بأن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه متى كانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أُرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك
إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب
عليها إن هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك ويكون ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً
وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن
يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما
أنه يقيمها على ما ينتجها. ولما كان البيّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد هذا الدفع، فليس له من بعد أن
ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها، فإن منعى الطاعن على الحكم في
هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع
بعدم إثبات المأمورية بدفتر أحوال القسم وردَّ عليه رداً سائغاً وكافياً، وكان من
المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون، فإن ما يثيره
الطاعن من عدم إثبات ضابط الواقعة المأمورية بدفتر أحوال القسم يكون غير مقبول.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت
المحكمة:
بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق