الخميس، 9 يناير 2025

الطعن 1678 لسنة 93 ق، جلسة 1/ 1/ 2024 (التعدي على أرض أثرية)

 

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الاثنين (أ)

 

المؤلفة برئاسة القاضي/ مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية القضاة/ هشام الشافعي، يوسف قايد، عباس عبد السلام و د/ أحمد أبو العينين نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض/ كيلاني محمود. وأمين السر/ هشام موسى.

 

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة. في يوم الاثنين 19 من جمادى الآخرة سنة 1445 هـ الموافق الأول من يناير سنة 2024 م.

 

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1678 لسنة 93 القضائية.

 

المرفوع من

 

ضد

 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 7527 لسنة 2021 مركز كفر البطيخ (المقيدة برقم 793 لسنة 2022 كلي دمياط).

بأنه بتاريخ سابق على 23 من أكتوبر سنة 2021 بدائرة مركز كفر البطيخ - محافظة دمياط.

تعدى على أرض أثرية بتل آثار الكوم الأحمر بأن قام بإزالة التعدي السابق الذي قام به بتجريف تربة التل باستخدام حفار زراعي مما أدى إلى تشوية معالم التل الأثري وتغيير طبيعته من شواهد أثرية على النحو المبين بالأوراق.

وأحالته إلى محكمة جنايات دمياط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل بجلسة ١٨ من أكتوبر سنة ٢٠٢٢ عملاً بالمواد ۱، ۳، 6، 20/3، ٤٠، 43/2، ٤٤ من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل، مع إعمال نصوص المواد ۱۷، 55/1، 56/1 من قانون العقوبات، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليه وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وألزمته المصاريف الجنائية.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 10 من ديسمبر سنة 2022.

وأودعت مذكرة بأسباب طعنه في التاريخ ذاته موقع عليها من/ .... المحامي.

وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً.

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض أثرية شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلتها بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها والأفعال المبينة للركن المادي فيها، اكتفاء بما ورد بمحضر الضبط، ولم يورد مضمون أقوال شهود الإثبات ووجه استدلاله بها، وتساند إليها عند قضائه بالإدانة رغم أنها مجرد أقوال مرسلة شابها الغموض، وقضى بإدانته في الدعوى الراهنة عن فعله المتمثل في إزالة آثار التعدي السابق الذي قام به بتجريف تربة التل الأثري رغم أنه لا يجوز معاقبته مرتين عن فعل واحد، وكان يتعين على المحكمة أن توقف الفصل في الدعوى تعليقاً لحين الفصل في دعوى التعدي الأصلية بحكم نهائي، كما كان يتعين عليها أن تقضي ببراءته من الاتهام الراهن أسوة بقضاء الحكم الصادر في الدعوى الأصلية، والتفتت المحكمة عما قدمه من مستندات تدليلاً على ملكيته للأرض محل الواقعة وأنها ليست أثرية، ولم يعرض لها إيراداً أو رداً، كما لم تقم المحكمة بندب خبير في الدعوى للوقوف على صحة دفاعه، كما أعرضت المحكمة عن أوجه دفاعه في الدعوى، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً بما يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه بإدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات وما ثبت من معاينة منطقة آثار دمياط لمحل الواقعة والرسم الكروكي المرفق ولم يؤاخذه بما ورد بمحضر الضبط، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال الشهود وكفايتها كدليل في الدعوى، وكان هذا الاستخلاص سائغاً لا يتناقض مع العقل والمنطق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو أن تكون عناصر الحكم مؤدية الى قبوله، وإذ كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أنه سبق القضاء نهائياً في دعوى التعدي السابقة ضده عن ذات الموضوع محل الواقعة، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفته للقانون وخطئه في تطبيقه، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض غير مقبولة. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب وقف الدعوي تعليقياً لحين الفصل في دعوى التعدي المقامة قبله بشأن سابقة تعديه على الأرض الأثرية محل الواقعة، فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم استجابتها لطلب لم يطرح عليها، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، وكان تقدير الدليل في الدعوى لا ينسحب أثره الى دعوى أخرى، ما دامت لا تطمئن الى الدليل المقدم فيها، ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تنبى على الأدلة التي تطرح على المحكمة على بساط البحث بجلسات المحاكمة، ويقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدته بنفسه بناء على ذلك، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في هذا المنحى لا تعدو أن تكون محاولة للتشكيك فيما خلصت إليه المحكمة من قضاء بناء على أدلة الإدانة التي ساقتها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر دفاعاً بشأن طلب ندب خبير في الدعوى، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة الى ندبه كما هو الحال في الدعوى المطروحة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً عليه، وكان الطاعن لم يبين بأسباب طعنه أوجه الدفوع التي لم تتناولها المحكمة بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته أضحى قائماً على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق