باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الإثنين (د)
المؤلفة
برئاسة السيد المستشار/ أحمد حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/
عبد الحميد دياب، محمد رضوان، مصطفى فتحي، نواب رئيس المحكمة و بهاء رفعت وحضور
رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ علي الصيفي. وأمين السر السيد/ أشرف
سليمان.
في
الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة. في يوم
الإثنين 19 جمادى الثاني سنة 1445 ه الموافق 1 من يناير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم
453 لسنة 93 القضائية.
المرفوع من:
ضد
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة المتهم (الطاعن) في قضية الجناية رقم ١٥٦٦٧ لسنة ۲۰۲١ مركز الصف (المقيدة بالجدول الكلي
برقم ٥٨٠٣ لسنة ۲۰۲۱ جنوب الجيزة) بأنه في يوم ٢٢ من نوفمبر سنة ۲۰۲۱ بدائرة مركز شرطة الصف - محافظة
الجيزة:
-
أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (الهيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
-
أحرز سلاح ناري مششخن (بندقية آلية) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها.
-
أحرز ذخائر مما تستخدم على السلاح محل الاتهام السابق دون أن يكون مرخصاً له
بحيازتها أو إحرازها.
وأحالته
إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً في ٢٣ من أكتوبر سنة ۲۰۲۲ عملاً بالمواد ۱/ ۱، ۲، ۳۸/1، 42/1 من القانون رقم ١٨۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ والبند رقم ۲ من القسم الأول من الجدول رقم 1
الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة، والمواد ۱/ ۱، ٦، ٢٦/3، 4، ٣٠/1 من القانون رقم ٣٩٤
لسنة ١٩٥٤ المعدل والجدول رقم ٣ الملحق بالقانون، مع إعمال المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات، بمعاقبته بالسجن
المشدد ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر والسلاح
الناري والذخائر وإلزامه بالمصاريف الجنائية، باعتبار أن إحرازه للجوهر المخدر مجرداً
من كافة القصود المسماة قانوناً.
فقرر
الأستاذ/ .... - بصفته وكيلاً عن وكيل المحكوم عليه - في ١٥ من ديسمبر سنة ۲۰۲۲ بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض،
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ موقع عليها من الأستاذ ....
وبجلسة
اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها.
المحكمة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة،
وبعد المداولة قانوناً:
من
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث
إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز جوهر الهيروين
المخدر مجرداً من كافة القصود المسماة قانوناً وإحراز سلاح ناري مششخن (بندقية
آلية) وذخيرته مما لا يجوز الترخيص به، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه جاء قاصراً في أسبابه وأطرح بما لا يسوغ
دفعه ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من
بيان المصدر السري الذي استقى منه مجري التحريات معلوماته، ومن تحديد مصدر حصول
الطاعن على المخدر وأسماء عملائه وخطئها في مهنته وسوابقه، واستبعاد المحكمة لقصد
الاتجار خلافاً لما ورد بها، كما أن السيارة المستخدمة ملكاً لآخر ولم يعرض
للمستندات المقدمة منه تدليلاً على صحة هذا الدفع، فضلاً عن أن توقيع مصدر الإذن
غير مقروء، واتخذ الحكم مما أسفر عنه الضبط دليلاً على جدية التحريات، كما رد بما
لا يصلح رداً على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما بدلالة
التلاحق الزمني في الإجراءات، وما أدلى به الطاعن من أقوال حال استجوابه
والمستندات المقدمة منه تأييداً لدفاعه، مما كان لازمه بطلان كافة الآثار المترتبة
على تنفيذ الإذن وأخصها شهادة الضابط القائم بالإجراءات والإقرار المنسوب صدوره
للطاعن بمحضر الضبط، وعول على أقوال ضابط الواقعة - شاهد الإثبات الوحيد - رغم
دفعه بعدم معقوليتها وانفراده بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة عنها مما
يؤكد بأن للواقعة صورة أخرى، ولم يحفل بدفاعه القائم على انتفاء صلته بالمضبوطات
وكيدية الاتهام وتلفيقه، وأخيرًا استبعدت المحكمة قصد الاتجار دون تنبيه الدفاع
لذلك، كل ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل
على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما
ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم
شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت
فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها
حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى
الطاعن بشأن القصور يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت
بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت
النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع
لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه
لعدم جدية التحريات رداً كافياً وسائغاً، وكان عدم بيان مصدر حصول الطاعن على
المخدر ونوعه واسم العميل والخطأ في بيان مهنته وسوابقه واستبعاد المحكمة لقصد
الاتجار لدى الطاعن خلافاً لما ورد بالتحريات لا يقدح بذاته في جدية التحريات،
وكان لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل
الضبط القضائي الذي اختاره لمعاونته في مهنته، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن
لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن التفتيش
لم يقع على السيارة قيادة الطاعن بل على شخصه، فلا محل لما يثيره من بطلان إذن
التفتيش لكون السيارة قيادة الطاعن ملك لآخر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون
وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش موقعاً عليه بإمضاء مصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً
خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره - وهو ما لم ينازع فيه
الطاعن -، وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه
مخالفة للقانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى ولا محل له. لما
كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يتخذ مما أسفر عنه الضبط سنداً لتسويغ
التحريات السابقة على صدور الإذن - خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه -، فإن
منعاه في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع
بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعيا يكفي للرد عليه اطمئنان
المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة
التي أوردتها، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد وأطرحته برد
كاف وسائغ، ولا على المحكمة - من بعد - إن هي لم تعرض لقالة شاهدي النفي ما دامت
لا تثق فيما شهدا به وفي قضائها بالإدانة - دلالة على أنها لم تطمئن إليها
فأطرحتها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك،
وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن التلاحق الزمني في
الإجراءات، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر
أمامها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر
أنه لا ينال من سلامة الحكم إطراحه المستندات الرسمية التي تساند إليها الطاعن
للتدليل على دفعيه بعدم جدية التحريات وببطلان القبض والتفتيش، ذلك أن الأدلة
في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية
ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من
باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة -، ومن ثم
فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل
أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام
البطلان وثبوته، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات
القبض والتفتيش، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة،
ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك، كان البين أن الحكم لم
يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل للطاعن بل لما أقر به
الطاعن لضابط الواقعة، وهو لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح لكنه مجرد قول لضابط
الواقعة يخضع لتقدير المحكمة، هذا إلى أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع
ببطلان ذلك الإقرار ومن المقرر أنه لا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر
العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها،
وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة
في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف
التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها
وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال
ضابط الواقعة وبصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم معقولية
تصويره للواقعة إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة
الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات
الجنائية بنصاب معين في الشهادة، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن
إليه طالما له مأخذه الصحيح في الأوراق، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء
بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى،
فإن تعويل الحكم على شهادته ليس فيه ما يخالف القانون، وينحل نعي الطاعن في هذا
الصدد إلى جدل في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات وبكيدية وتلفيق الاتهام
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها
مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله
ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع
الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن
مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو
أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر
الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما
كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة
العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا،ً وليس من شأنه أن
يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على
بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز المخدر، هي بذاتها
الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به،
وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن
واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد
واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق
حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال
الشخصي لا يقتضى تنبيه الدفاع ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان
الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيَّن واقعة الدعوى بياناً كافياً، وقضى بعقوبة لا
تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها وهي الأمور التي لم يخطئ الحكم في تقديرها،
فإن خطأ الحكم بتخصيص المادة 38 من قانون مكافحة المخدرات رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بفقرتها الأولى
بدلاً من المادة ۳۸ بفقرتيها لا يبطله وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه
الحكم وذلك باستبدال المادة ۳۸ بفقرتيها بالمادة ٣٨/1 المذكورة عملاً بالمادة
٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة 1959.
لما
كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت
المحكمة:
قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق